mercredi 4 juillet 2012

الحنين إلى مبارك - عمار علي حسن

 عمار علي حسن

بعض الثوار والراغبين فى التجديد والتغيير لا يتفهمون أن هناك من يحن إلى عهد مبارك، ويصفون هؤلاء بأنهم لا يمكنهم العيش إلا فى عبودية وذل وفساد. وأقول لهؤلاء مهلا: فكل الشعوب بلا استثناء تحن إلى ماضيها حتى لو كان سيئا، لاسيما إن كان الحاضر غامضا أو مضطربا. وجزء من هذا الشعور هو حنين الفرد إلى ماضيه هو وإلى شبابه الذى لن يعود، وربما فى حياته تجارب شخصية مبهجة مضت مسرعة ويتمنى رجوعها. وهناك بالطبع الذى كان مستفيدا من الفساد الذى استشرى فى زمن المخلوع. وهناك الخائفون على مستقبل البلد إما عن هواجس مرضية أو مخاوف حقيقية أو نقص فى المعرفة، أو فشل من وصلوا إلى الحكم فى طمأنة الناس، فعلا وليس قولا. وهناك من يجفل من التغيير وفق طبيعته البشرية، فقلة من الناس هى التى لديها رغبة دائمة وجامحة فى المغامرة، وأقل من ذلك بكثير يؤمنون بقول الفيلسوف الألمانى نيتشة وهو يبحث عن الإنسان الكامل: «عش فى خطر.. شيد أحلامك فوق بركان فيزوف».

لقد آن الأوان لنقدم للناس سبعين عذرا، فإن لم نجد لديهم عذرا فلنلتمس لهم نحن العذر، كما علمنا الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم). وقد كنت من بين المنادين، منذ خلع مبارك، بألا نتوسع فى تحديد أسماء من ينتمون إلى النظام السابق، الذين يجب عزلهم سياسيا لفترة معينة، وأن يقتصر الأمر على الدوائر الأولى والثانية والثالثة فقط ممن ارتبطوا بمبارك ونجله الغرير. وقلت وقتها:من الظلم أن نطارد ونلاحق كل من حمل فى يوم من الأيام «كارنيه» عضوية الحزب الوطنى، فكثير من هؤلاء كانوا مواطنين بسطاء منسحقين، ويعتقدون أن فى حمل هذه البطاقة حماية لهم من تغول أجهزة الأمن وتوحشها أو مساعدتهم على تحصيل ما لهم من حقوق، وبعضهم كان مسئولو الحزب فى المحافظات يدخلونهم هكذا بالجملة ليوسعوا حجم العضوية الشكلية الوهمية. وكنت أقول: إنه ليس حزبا سياسيا له أيديولوجية ومسار وتنظيم راسخ وقدرة على التجدد الدائم إنما هو عبارة عن شلة منتفعين تتحلق حول الرئيس ووريثه الواهم. وحين اندلعت الثورة ثبت ذلك يقينا حين فشلت قيادات الحزب فى تعبئة جماهير حاشدة فى وجه ملايين الثائرين فاستعانت بالبلطجية وأرباب السوابق والألاعيب الأمنية البائرة والبائسة، التى أخفقت تماما فى وقف تقدم الثورة.

علينا أن نتفهم كل هذا، وننخرط فى البناء والتقدم إلى الأمام، لنثبت للخائفين من التغيير والمترددين أن الغد أفضل بكثير، وهذا لن يحققه إنجاز مادى فحسب إنما أيضا رؤية وتصور يحافظ على هوية مصر وروحها وثقافتها وشخصيتها الوطنية، وكذلك الإيمان الجازم بشعبها وأنه هو الصاحب الأصيل للشرعية، وأن بوسعه أن يصنع المعجزات.

الحنين إلى مبارك - عمار علي حسن
قسم الأخبار
Tue, 03 Jul 2012 10:30:00 GMT

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire