lundi 16 juillet 2012

من السجن إلى كرسى الرئاسة - أحمد منصور

أحمد منصور

من الظواهر الفريدة للثورات العربية أنها بدأت تفرز مسئولين على مستوى الرؤساء والوزراء والمسئولين كانوا قبل سنوات فى غياهب السجون أو المنافى، وكان كثير منهم لا يحلم أن يعيش مستقراً فى بلده دون ملاحقات أمنية فضلاً عن أن يتولى منصباً بل أن يصبح رئيساً، وما لفت نظرى فى المؤتمر الصحفى الذى عقده الرئيسان المصرى محمد مرسى والتونسى المنصف المرزوقى فى القاهرة يوم الجمعة الماضى هو أن كلا الرجلين خرجا من السجن أو المنفى إلى كرسى الرئاسة، ولم تعد ظاهرة نيلسون مانديلا وحدها هى الظاهرة الأبرز فى العصر الحديث؛ حيث خرج الرجل إلى الرئاسة فى جنوب أفريقيا بعد ما يقرب من ثلاثين عاماً فى غياهب السجون، وأصبح مثلاً لكنه سبقه كثيرون، على مدار التاريخ، وسوف تتميز الثورات العربية بهذا الإفراز الفريد.


فالرئيس المصرى محمد مرسى الذى انتمى لجماعة الإخوان المسلمين خلال دراسته فى الولايات المتحدة الأمريكية فى العام 1977، اعتقل عدة مرات فى عهد حسنى مبارك، منها أنه قضى سبعة أشهر فى السجن بعد اعتقاله صباح 18 مايو 2006 من أمام محكمة شمال القاهرة ومجمع محاكم الجلاء حيث كان يشارك فى مظاهرات شعبية كانت تندد بتحويل اثنين من القضاة إلى لجنة الصلاحية هما المستشار محمود مكى والمستشار هشام البسطويسى، الذى كان أحد المرشحين فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وذلك بسبب موقف القاضيين من تزوير انتخابات مجلس الشعب فى العام 2005، كما اعتقل مرسى مع 34 من قيادات الإخوان المسلمين صباح جمعة الغضب يوم 28 يناير 2011، وذلك لمنعهم من المشاركة فى تظاهرات جمعة الغضب بعد اندلاع الثورة فى الخامس والعشرين من يناير، وفى 30 يناير قام الأهالى بتحرير مرسى ورفاقه بعدما تركت قوات الأمن السجون، وخرج مرسى من السجن إلى ميدان التحرير.


أما الرئيس التونسى المنصف المرزوقى فقد كان من أبرز المعارضين للرئيس التونسى المخلوع زين العابدين بن على، وقد اعتقله بن على فى زنزانة انفرادية فى شهر مارس من العام 1994، وبقى رهن الاعتقال أربعة أشهر، حيث قامت حملة دولية من أجل الإفراج عنه، وقد اضطر بن على إلى الإفراج عنه بعد تدخل رئيس جنوب أفريقيا آنذاك الرئيس نيلسون مانديلا، الذى لم يكن يعلم دون شك أن الرجل الذى توسط للإفراج عنه فى العام 1994 سيصبح رئيساً لتونس فى العام 2011.


قام المرزوقى بعد الإفراج عنه بمواصلة النضال ضد بن على فأسس مع رفاقه فى ديسمبر من العام 1997 بمناسبة الذكرى السنوية للإعلان العالمى لحقوق الإنسان، المجلس الوطنى للحريات، واختير أول رئيس للجنة العربية لحقوق الإنسان بين عامى 1997 و2000، وخشية من اعتقاله مرة أخرى ضيق عليه بن على فى رزقه وإقامته وعلاقاته، فاضطر المرزوقى للإقامة فى المنفى فى باريس منذ ديسمبر من العام 2001 وبقى هناك حتى سقط بن على حيث عاد إلى تونس بعد عشر سنوات تقريباً فى 21 أكتوبر من العام 2011، وشارك مع حزبه المؤتمر من أجل الجمهورية فى الانتخابات البرلمانية التى جرت فى 23 أكتوبر، وحصل حزبه على المركز الثانى بعد حركة النهضة، حيث حصل على 29 مقعداً، حصل بعد ذلك على الأغلبية كمرشح رئاسى من أعضاء مجلس النواب وأصبح رئيساً لتونس.
من الناحية الأكاديمية يحمل الرئيس المصرى محمد مرسى درجة الدكتوراه فى الهندسة، وقد حصل عليها من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن الناحية الفكرية ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين، أما الرئيس التونسى المنصف المرزوقى فمن الناحية العلمية يحمل درجة الدكتوراه فى الطب من جامعة سترازبورغ فى فرنسا، ومن الناحية الفكرية فهو يسارى ليبرالى، غير أن خيارات الشعوب فى هذه المرحلة من عمر الثورات انحازت لمن وقفوا ضد الحاكم، وليس مهماً أن يكون الرئيس إسلامياً أم ليبرالياً يسارياً، فالثوة فى مصر أفرزت رئيساً إسلامياً، وفى تونس أفرزت رئيساً ليبرالياً يسارياً، لكن كلا الرجلين يجمع بينهما شىء أساسى هو أنهما جاءا من السجن إلى كرسى الرئاسة

من السجن إلى كرسى الرئاسة - أحمد منصور
قسم الأخبار
Mon, 16 Jul 2012 14:58:00 GMT

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire